المدية عروس التل وتاج متيجة، مدينة ضاربة بجذورها الأصيلة والعميقة في أصالة التاريخ والمقاومة، كتب عنها المؤرخون، وأشاد بها الرحالة والجغرافيون الذين زاورها أو مروا بها، الذين وصفوها بأنها ذات الموقع الجغرافي الوسطي، فهي تربط بين الشرق والغرب، وهمزة الطرق التجارية لاسيما نحو الجنوب، مما جعل منها رؤية إستراتيجية ومحط أنظار الغزاة والفاتحين، ففي التاريخ القديم كانت قرية الرومان LAMBADIA وأسموها «مديكس» واتخذوا منها قاعدة أمامية للتوسع نحو الجنوب وحماية وجودهم من المقاومات وفي العهد الإسلامي منذ أن فتحها أبو المهاجر ضمن بلاد المغرب الأوسط وعرفت إشعاعا حضاريا منذ أن شيدها بلوغين بن زيري بن مناد(350ه/961م). واتخذها العثمانيون عاصمة بايلك الوسط التيطري حيث استقبلت الكثير من الأتراك والأندلسيين مما أعطاها زخما اجتماعيا وحضاريا.
ولما ظهرت طلائع جيوش الاحتلال الفرنسي 1830، التي جعلتها من أولويات أهدافها الاستعمارية التوسعية نحو الجنوب. تصدت لها بكل عزيمة وقوة، فكانت من القواعد الأمامية لجيش الأمير عبد القادر، وصمدت وواجهت حمالات الاحتلال الغاشمة ابتدءا بحملة الجنرال كلوزيل-Clauzel- (نوفمبر1830)،ثم حملة الحاكم العام بارتيزان-Berthezene (جوان 1831)، و حملة الحاكم العام كلوزيل الثانية (مارس1836م) ثم حملة ديميشال-Desmichelas -(أفريل 1836)، وبعدها حملة الماريشال فالي في (ماي 1840) إلى أن جاءها بوجو-Bugeaud – (أفريل 1841) وألحقها بحكمه العسكري.
فالفترة لا تزال تحتاج إلى الكثير من البحث والدراسة، والفحص والتمحيص لوثائق المرحلة، وهذه الندوة المباركة تحاول فتح مجال البحث والكتابة فيها لاستجلاء مخططات وجرائم الاحتلال والفرنسي خدمة لذاكرتنا الوطنية.