الشهيد حمودي أحمد
من الشخصيات الفنية الغير معروفة في الحقل الثقافي في مدينة المدية، ابن العائلة العريقة حمودي، الفنان والشهيد الذي أعدم : أحمد حمودي المدعو لكحل رحمه الله.
له تاريخ ثقافي بامتياز وتاريخ ثوري كشهيد رحمه الله لعب دورا بارزا في الحركة الوطنية بالمدينة.
ولد يوم 2 أفريل سنة 1920 بالمدية ابن محمد ومناصر فاطمة الزهراء، تربي في عائلة عريقة مرموقة في المدينة، تعلم في الكتاتيب القرآنية، أين برع في اللغة العربية وكان يحبها كثيرا تألق كشاعر وكان يكتب الشعر في صباه وله قصائد نادرة بداية الأربعينات، وأسس أولى الفرق الفنية في الشعبي بالمدية سنة 1945م على لسان مؤرخنا الشيخ حليم طوبال الباحث والكاتب والشاعر في الشعر الملحون وتاريخ القصائد المغاربية والموسيقى الأندلسية حفظه الله، جل قصائد الشهيد كانت في حب الوطنية والشعر الوطني التحفيزي والممجد لحركات التحرر، أحيا الكثير من حفلات الزفاف بالمدينة وضواحيها والبليدة والجزائر البعض من قصائده النادرة كانت لعائلة المجاهد الحاج حمو رحمه الله صديقه المقرب والذي كان من ضمن فرقته القديمة للشعبي وعلى لسان الشيخ حمو رحمه الله، لما أراد إحياء أول سهرة بالعاصمة وبالضبط في الحراش، ذهب باحثا للشيخ امحمد العنقى يستأذنه في إحياء ليلة شعبية في الحراش هيبة ووقارا منه ففرح الشيخ العنقى بالالتفاتة وتبادلا أطراف الحديث عن قصائده وأناشيده وقال له من اليوم مرحبا بك في العاصمة وقم بما شئت من السهرات، كما أحيا ليلة شعبية للشهيد سي امحمد بوقرة على لسان الحفيد صديق الصفحة الأخ رضا حمودي من أبيه رحمه الله.
أما في المجال السياسي فقد دخل صغيرا وعمره 22 سنة في حزب الشعب الجزائري بقيادة مصالي الحاج سنة 1942م، وكان من أبرز مناضليه، يكتب في مطلع قصائده (يا شمال إفريقيا يا وطن الهم….ظنيت طبيبك نكار) ودوره كان في توزيع المنشورات ذات الطابع التوعوي بين ساكنة التيطري وله علاقات مع مناضلي البرواقية وقصر البخاري كان تحت أعين الجاسوسين الفرنسيين لنشاطه الدؤوب سجن على أثرها مباشرة، بعد خروجه من السجن كان من ضمن المؤسسين الأوائل لفوج الفداء للكشافة الإسلامية الجزائرية سبتمبر 1947م بالمدينة رفقة شبان المدينة الأبرار أمثال زوبير مختار وعبد السلام، بلعزوقي مصطفى، بن حوة شريف، بن دالي إبراهم عبد العزيز، بن مهل أحمد، الإخوة دمارجي والإخوة كلاش وغيرهم…
التحق في صفوف جيش التحرير الوطني وكان سباقا لها في بداية الثورة، ألقي عليه القبض عدة مرات لتحركه الشديد مع قادة الولاية الرابعة وسجن على اثرها في سجن البرواقية ثم خرج ليعود الى سجن البليدة رفقة قادة الثورة أمثال الرئيس بن بلة والمجاهد محساس صديق الشهيد احمد حمودي والمجاهد الكبير مصطفى بوهدة من المدية أحد مؤسسي المنظمة السرية في المدية والذي كان يتقاسم نفس زنزانة المجاهد الرئيس بن بلة وآخرون، وقد كان الشهيد احمد حمودي سببا في هروبهم من السجن لدى احياءه سهرة للفن الشعبي للسجناء بعد أن تم تدبير الهروب من قبل في سرية تامة وتم تمويه الحراس فعلا في تلك الليلة وتم تقطيع القضبان بدون أي عناء نتيجة الحفلة، بمساعدة بعض الحراس، حسب شهادة المجاهد الكبير بوهدة مصطفى.
بعد خروجه من السجن عاد ليلتحق بالنضال وتحركاته النشيطة وتسليمه رسائل المجاهدين وكتابة قصائد وطنية ليقبض عليه في الأخير ويدخل السجن مرة أخرى في الداميات وفيه كتب رسائل وقصائد تمجد الثورة وأناشيد تمجدها ليقرر الاستعمار الغاشم إعدامه رميا بالرصاص في معتقل عبوشة مع أحد الشهداء سنة 1960م، حيث حفرا قبراهما بأيديهما الطاهرة، ثم نفذ فيهما الإعدام بشكل لا إنساني، ودفنا في تلك المنطقة، لم يتم العثور على قبره بعد الاستقلال لعدم وضوحه، حيث لم يتم وضع علامة عليه لأن تلك المنطقة كانت محظورة وممنوعة على المدنيين، وبالتالي بقي قبره مجهولا، رحمه الله برحمته، هم الرجال فعلا ضحوا بنفسهم وحياتهم من أجل جزائر مستقلة، استشهد الشيخ بعد مسار حافل بالإنجازات في عمر 40 سنة فقط، تاجرا وشاعرا وفنانا وعضوا في الحركة الوطنية وحزب الشعب الجزائري في عمر 22 سنة ومؤسسا لفوج الفداء للكشافة ثم مجاهدا ويسجن أكثر من مرة ثم شهيدا في الثورة المظفرة، ما أحوجنا لمثل هاته الشخصيات في زماننا وفعلا كان قدوة يحتفى به.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.